ياسر الجرجورة - الرياض - الأربعاء 20 أغسطس 2025 08:37 صباحاً - تبنت دول عربية عديدة التجربة المصرية الجريئة فى مواجهة إرهاب جماعة الإخوان، ولم يقتصر الأمر على تونس فقط بل امتد إلى دول بمنطقة الخليج، التى سعى الإخوان بذريعة الديمقراطية إلى تحويلها إلى إمارة شبه إسلامية، لتتصدى هى الأخرى بقوة لمحاولات الجماعة بث سمومها بين نسيج الشعوب، فكانت بالمرصاد لتلك الآفة، فتعقبتها واتخذت إجراءات حاسمة للقضاء عليها وعزل ما عرف بـ«تيار الإسلام السياسى» طوال العقد الماضى، كما تضافرت الجهود المشتركة على المستويين المحلى والدولى لاستهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب والنشاطات المصاحبة له بشكل مباشر وغير مباشر.
فى هذا السياق، يوضح المحلل السياسى الدكتور محمد الأحمد أستاذ الإعلام والصحافة بجامعة الملك سعود بالرياض، أن جماعة الإخوان الإرهابية أثبتت فشلها فى العديد من الدول العربية، وقد قدمت مصر تجربة رائدة فى التصدى لإرهاب الإخوان، ومن ثم تبنتها دول عربية أخرى، حيث اكتشفت هذه الدول خبث أهداف تلك الجماعة وعملت على التصدى لها، ولمخططاتها، فصنفتها «جماعة إرهابية»، وكان فى مقدمة تلك الدول، مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات، ووضعت منسوبيها على قائمة الإرهاب، وجففت مصادر التمويل المشبوهة سواء من الأفراد أو من المؤسسات.
كما أوقفت العناصر التابعة للجماعة التى كانت تحاول بث السموم الفكرية من خلال التدريس فى عدد من الجامعات، فمنعت محاضراتهم العامة كما أوقفت تعيينهم كخطباء فى الجوامع، وتم إيقاف قنواتهم الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة فى العديد من الدول، التى كانوا يحاولون من خلالها بث السموم فى أدمغة الشعوب، ولم يعد يسمح لمنسوبى هذه الجماعة باختراق الوسائل الإعلامية أو اعتلاء منابر المساجد، لبث سمومهم وأكاذيبهم فى المجتمعات العربية والإسلامية.
وبالنسبة لتجربة الجماعة الإرهابية فى السعودية، يوضح الدكتور محمد أن هذه الجماعة حاولت التسلل والتدخل فى الشؤون السياسية والمحلية للمملكة، فهى بطبعها جماعة طامعة لكن المملكة تصدت لتلك الأطماع، وأعلن ذلك وزير الداخلية السعودى، الأمير نايف، كما ظهرت أطماعها أيضا فى دولة الكويت بدعمها لصدام حسين، عندما احتل الكويت ووقفت معه بعد أن وعدها بجزء من الغنيمة.
لا تزال محاولات هذه الجماعة لإعادة لملمة أشلائها بشتى الوسائل، حتى تتمكن من العودة مجددا، وذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعى كمنصة X والفيس بوك وتيك توك والانستجرام وغيرها، عبر إثارة الفتن بين الشعوب والحكومات فى الدول العربية.
وأشار إلى محاولات الجماعة الخبيثة للوقيعة بين مصرـ أرض الكنانةـ ودول الخليج وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية، حيث يحاول الذباب الإلكترونى التابع لهذه الجماعة الإرهابية اختلاق الخلافات، ونشر الأكاذيب لتشويه العلاقات الأخوية بين مصر وتلك الدول، ولكن هيهات أن تصل لأهدافها، فالنسيج المتين لتلك العلاقات والوعى الكبير بمخططاتهم كفيل بتدمير ونسف هذه المحاولات وستبقى الأخوة والاحترام بين الأشقاء.
الإمارات تتعقب الجماعة.. فى إطار ملاحقة إرهاب جماعة الإخوان، قررت الإمارات فى يناير الماضى، إدراج 19 فردا وكيانا على قوائم الإرهاب المحلية، لارتباطهم بتنظيم الإخوان الإرهابى، جاء ذلك فى القرار رقم 1 لسنة 2025م الذى أصدره مجلس الوزراء بشأن اعتماد قائمة الأشخاص والتنظيمات الإرهابية، الذى تضمن إدراج 11 فردا و8 كيانات فى قوائم الإرهاب المحلية، وفقا للقوانين والتشريعات المعتمدة فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق وكالة الأنباء الإماراتية.
جاء القرار فى إطار حرص الإمارات والجهود المشتركة على المستويين المحلى والدولى على استهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب والنشاطات المصاحبة له بشكل مباشر وغير مباشر، وتنفيذا للقرار الصادر، توجب على المنشآت المالية والجهات الرقابية التنفيذ واتخاذ الاجراءات اللازمة، وذلك وفقا للقوانين والتشريعات المعتمدة فى الدولة.
وفى يناير عام 2024، أمر المستشار حمد سيف الشامسى، النائب العام لدولة الإمارات، بإحالة 84 متهما أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابى فى الإمارات إلى محكمة أبوظبى الاتحادية الاستئنافية «محكمة أمن الدولة» لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سرى آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضى الدولة.
كان المتهمون قد أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم فى القضية رقم «17» لسنة 2013 جزاء أمن الدولة.
وبناء على معلومات وتحريات كافية، أمر النائب العام الإماراتى ـ وقتذاك ـ بالتحقيق فى وقائع هذه الجريمة مع ندب محام للحضور مع كل متهم، وبعد قرابة الستة أشهر من البحث والتحقيق وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة، وبدأت بسماع الشهود بعد أن أمرت بندب محام لكل متهم لم يتمكن من توكيل محام للدفاع.
وفى أغسطس عام 2024، كشفت التحقيقات التى باشرتها النيابة العامة بالإمارات، تحت إشراف النائب العام، عن تنظيم سرى جديد خارج الدولة، شكله الهاربون من أعضاء تنظيم «دعوة الإصلاح» «الإخوان الإماراتى» المصنف إرهابيا فى الإمارات، والمقضى بحله عام 2013، بهدف إعادة إحياء التنظيم، وتحقيق أغراضه ذاتها، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية «وام».
أسفرت إجراءات متابعة جهاز أمن الدولة للهاربين من قبل مختلف إمارات الدولة، لمن صدرت ضدهم أحكام غيابية عام 2013، عن رصد مجموعتين من أعضاء التنظيم تلاقوا فى الخارج، وآخرين استقطبوهم للانضمام وشكلوا تنظيما جديدا.
تضمنت اعترافات المتهم، الذى تم إلقاء القبض عليه من أعضاء التنظيم، بيان هيكل التنظيم ونشاطه، وأدوار أعضائه فى العمل على تهديد الاستقرار، وقيادة حملات التشويه وخطاب الكراهية، والتشكيك فى مكتسبات الدولة، وبث الفتنة بين أبناء الوطن، وتمويل الإرهاب وغسل الأموال، والتعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية بهدف زعزعة أمن الدولة، والتحريض ضد مؤسساتها الرسمية، ومهاجمتها فى مجال حقوق الإنسان، لإضعافها وهز ثقة المجتمعات فيها، وإثارة الرأى العام عبر صفحات إلكترونية وحسابات وهمية.
تكفل بعض أعضاء التنظيم بالتواصل المباشر مع المنظمات الحقوقية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، وإمدادها بمعلومات كاذبة ضد سلطات الدولة لتضعها ضمن تقاريرها السلبية ضد الدولة.
أكدت المتابعة الأمنية أنهم تلقوا أموالا من التنظيم فى الإمارات ومن جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى خارج الدولة، كما كشفت التحقيقات أن التنظيم أقام تحالفات مع جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى، للعمل معها من خلال قطاعات إعلامية واقتصادية وتعليمية، سعيا إلى تقوية صلته بها، ولتوفير جانب من التمويل، وتثبيت وجود التنظيم، وتعزيز أدوات حمايته فى الخارج.
كشفت التحريات أيضا أن مجموعة التنظيم فى إحدى الدول ارتبطت بالعديد من واجهات التنظيمات الإرهابية، التى تتخذ شكل منظمات خيرية أو فكرية، وقنوات تليفزيونية.
قرارات أميرية تضيق الخناق على الجماعة بالكويت.. وفى الكويت، أطفأت القرارات التى اتخذها أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، فى مايو 2024، بحل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لنحو أربع سنوات، وهج الإخوان فى المنطقة، وعززت عزلة الجماعة فى عدد من الدول العربية انطلاقا من دوافع متشابهة.
ومثل نهج الأمير تحولًا باتجاه مرحلة تغيير حقيقى فى دولة عانت طويلًا من أطماع جماعة الإخوان ومساعيها، لشل مؤسسات الكويت والتمهيد للسيطرة على الحكم باستغلال سلاح الديمقراطية ولو جرى تدمير الدولة، وكادت الاضطرابات السياسية تتزايد.
وضعت قرارات أمير الكويت مصالح البلاد العليا والشعب الكويتى فى مقدمة الأولويات، واستمرت الدولة فى نهج الدفاع عن مصالح شعبها وواجهت مساعى سيطرة تلك الجماعة بطرق عدة، رغم محاولات الغرب نشر مزاعم بادعاء الخوف على مستقبل التجربة الديمقراطية فى الكويت، حيث ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن القرارات الأميرية أثارت مخاوف من أنها قد تمثل تحركًا نحو تفكيك أحد الأنظمة السياسية شبه الديمقراطية فى الشرق الأوسط، فيما يبدو دعما غربيا لجماعة الإخوان، وهو موقف ليس بجديد على الغرب تجاه الدول العربية.
تعاون مع الكويت للقضاء على الإرهاب.. ولطالما تضافرت الجهود لمواجهة سموم الجماعة الإرهابية، ففى يوليو من عام 2019، تم تسليم مطلوبين فى جماعة الإخوان الإرهابية إلى السلطات المصرية، وأوضحت وزارة الخارجية الكويتية وقتذاك، أن تسليم المطلوبين بالخلية الإرهابية الإخوانية جاء بموجب الاتفاقيات المشتركة بين البلدين، وفقا لما نقلته وقتذاك وكالة الأنباء الكويتية «كونا».
وأضافت الخارجية الكويتية وقتذاك: «إن هناك تنسيقا وتعاونا أمنيا مصريا كويتيا كبيرا جدا، ونشعر معه بالارتياح، وهذا التعاون سيتواصل مع الأشقاء فى مصر، ونشاركهم الرأى بأن أمن البلدين جزء لا يتجزأ».