ياسر الجرجورة - الرياض - الخميس 14 أغسطس 2025 12:17 صباحاً - على مدار يومين متتاليين شهدت مؤتمر الإفتاء العالمي العاشر، "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، في مواكبة لمتغيرات العصر، وهو اجتهاد محمود من قبل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والمفتي الجديد الأستاذ الدكتور نظير عياد رئيس الأمانة العامة للإفتاء العالمية.
المؤسسات الدينية المصرية، أو المؤسسات الأزهرية وهي عالمية ورئيسة في تخصصها، وقد حققت طفرات في عهد الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي، وخاصة في ظل تطور وسائل الإعلام والاتصال، إذ أسس في عهده مراكز إعلامية داخلية في: مشيخة الأزهر، وفي مجمع البحوث الإعلامية، وفي وزارة الأوقاف، وفي جامعة الأزهر، وفي الجامع الأزهر، وفي هيئة كبار العلماء، وفي المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وفي دار الإفتاء المصرية/ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والتي حققت حضوا وتمرسا، وانفتاحا على العالم.
وفي الفترة الأخيرة تميزت المؤسسات الدينية بتولى علماء ورموز عالية الهمم والجهد منخفضة الضجيج، وذلك للتركيز على العمل لا الكلام، وفي تناغم وتنسيق/ عمل كثر ضجيج قليل.
وفي الأثناء حضر إلى قمة المشهد الأستاذ الدكتور نظير عياد، بعد فترة عمل في مجمع البحوث الإسلامية كانت تتويجا لتاريخه البحثي والعلمي الرصين، ليحقق حضورا كاريزميا، ومن الإفتاء إلى العالم، باستراتيجية المتغير الفكري والزمني لأستاذ الفكر والعقيدة التي هي نقطة الارتكاز اتفاقا مع الوسطيين واختلافا مع المتطرفين، فالفتوى مبنية على فكر وليس العكس، ومن الفكر إلى الجمهور تستخدم وسائل للتجنيد أو التحصين يأتي دور الذكاء الاصطناعي، وسط محتوى رقمي متشدد هائل على شبكة المعلومات الدولية ومحرك البحث جوجل، ويوازيه اتصال تجنيدي عبر وسائل التواصل، ووسط عصر الرقمنة يفرض الواقع جدلية المفتي الرقمي، أو الروبوت المفتي، وهنا تكمن فلسفة دار الإفتاء المصرية وراء مؤتمرها العالمي العاشر، والأول في ظل رئاسة مفتى العالم العالم الكبير الدكتور نظير عياد، الذي يسير في اتجاه التعاون والعمل الهادئ مع الجميع في مرحلة تفاهم العمائم.
جدلية المفتي الرقمي، أو المحتوى الإفتائي، أو المفتي الرقمي التفاعلي أون لاين أو التخاطبي جزء من مشهد الرقمنة الذي يبحثه علماء العالمي بجانب إعداد المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي، أمر بات مفروضا بعد إطلاق دول مركزية في العالم الإسلامي وفي دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية الشقيقة روبوت الفتوى للمناسك، إذ يصعب تجاهل التجربة، والتغلب كذلك على البعد المكاني بين المفتي والمستفتي خاصة في ظل قوانين تحكم عملية الفتوى.
وأزعم من جانبي كمختص في الشئون الدينية والأوقاف، أن معضلة الوفاء بحق المستفتي في كل مسائله باتت معضلة كبيرة، وترك الروبوت وحده يفتي أمر صعب، وتأهيل وكفاية المستفتين عدديا في جانب علماء الفتوى أمر صعب، إلا أن أرشفة الفتوى يمكن أن يكون من حظ مساعد المفتي الافتراضي، وسرد الفتاوى القديمة أيضا يحتاج إلى برامج الذكاء الاصطناعي، وأكثر من ذلك المجالس الإفتائية الأونلاين عن بعد بتفاعل مشترك أمر يتحقق بسهولة.
ولنا في تجارب الدول الأخرى مثال على نجاح عملية الوصول للمستفتي بطريقة أقرب إلى احتياجاتهم، ففي لبنان يتم تخصيص مفتي لكل منطقة، وهو أمر تتجه إليه مصر ببناء فروع لدار الإفتاء في أسيوط والإسكندرية ومطروح، وتأسيس أخرى في المنصورة إلخ، ويمكن أن نعقد مجالس إفتائية بالمساجد الرئيسية للرجال والنساء بالتعاون بين الأوقاف ومؤسسات الأزهر، وبثها أونلاين مع كتابة الأسئلة أو إذاعتها مباشر والرد عليها لحظيا، وتكون بشكل مكثف ومستمر، ومن مساجد المدن.
وفي جانب إعداد المفتي في عصر الذكاء الاصطناعي، فإن رسوخ الفقه الإفتائي، والتحول الرقمي والتقني للعلماء وتشاورهم ووجود ورش العمل ولو عن بعد وبشكل دوري وخاصة مفتو مصر والعالم أمر يعد هو أول الخطوات على الطريق، ببناء راسخ على تاريخ مصر العلمي والأزهرى والإفتائى.