أطلق علماء من جامعة تومسك الروسية تحذيراً شديد اللهجة بشأن مستقبل الأراضي الرطبة في العالم، مشيرين إلى احتمال اختفاء نحو 20% منها بحلول منتصف القرن الحالي إذا استمرت معدلات التدهور الراهنة. وتعد هذه النظم البيئية من أكثر النظم الطبيعية قيمة للبشرية، رغم هشاشتها الكبيرة أمام ضغوط التغير المناخي والنشاط البشري.

ووفقاً للتقديرات، فقدت الأرض منذ عام 1970 ما يقارب 22% من مساحاتها الرطبة، أي ما يعادل نحو 411 مليون هكتار. وإذا استمر هذا الاتجاه المقلق، فإن العالم قد يخسر خلال العقود الثلاثة المقبلة جزءاً كبيراً من الموارد الطبيعية التي تشكّل خط الدفاع الأول ضد الفيضانات، ومصدراً أساسياً للمياه العذبة، ومخزناً ضخماً للكربون.

وتشمل الأراضي الرطبة كلاً من المستنقعات والبحيرات والأنهار والخزانات المائية الصناعية، إضافة إلى السواحل البحرية. وتغطي المستنقعات وحدها نحو 6% من سطح الأرض، لكنها تساهم بأكثر من 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عبر دعم الزراعة، توفير المياه النظيفة، وحماية المجتمعات من الكوارث الطبيعية. ومع ذلك، تختفي هذه النظم بوتيرة أسرع من أي بيئة طبيعية أخرى.

الدكتورة إيرينا فولكوفا، الأستاذة المشاركة في المعهد البيولوجي بجامعة تومسك، أوضحت أن المستنقعات تحتل مكانة خاصة في تنظيم المناخ، إذ إنها قادرة على تخزين الكربون لآلاف السنين في رواسب الخث، مما يجعلها البيئة الطبيعية الوحيدة التي تساهم بشكل مباشر في تبريد مناخ الكوكب على المدى الطويل. وأضافت أن المستنقعات تحتوي على ضعف كمية الكربون الموجودة في الغابات، وهو ما يجعل الحفاظ عليها أمراً حاسماً في مواجهة الاحتباس الحراري.

ويبرز في هذا السياق مستنقع فاسيوغان في غرب سيبيريا، وهو أكبر حوض خث على الأرض، ويُنظر إليه باعتباره أحد أهم مخازن الكربون الطبيعية في العالم.

ويرى الخبراء أن فقدان هذه النظم لا يمثل مجرد أزمة بيئية، بل تهديداً اقتصادياً واجتماعياً مباشراً، إذ سيؤدي إلى زعزعة استقرار المناخ العالمي، تراجع احتياطيات المياه العذبة، وزيادة حدة الفيضانات والكوارث الطبيعية.

وأكد العلماء أن الحفاظ على الأراضي الرطبة لم يعد خياراً بيئياً فحسب، بل ضرورة استراتيجية لحماية الاقتصاد العالمي والأمن المائي والمناخي للأجيال المقبلة.

للمزيد تابع

الخليج 24 على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك